طبيعة العلاقات التركية الروسية

سأسرد لكم في هذه التغريدات ماهية العلاقات التركية الروسية و تأثيرها، واللقاء الأخير بين بوتين و اردوغان.

و استثمار روسيا للصراع السوري في المنطقة للانتقال إلى ليبيا فيما بعد

إن استثمارات مكاسب روسيا الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية من علاقاتها الوعرة مع تركيا وذلك لنمو الصراع في سوريا ، لتصبح أنقرة دائنة بشكل متزايد لموسكو…

و لتنتح هذه الأزمات نمطا من اللقاءات المباشرة وجها لوجه بين بوتين و اردوغان نلاحظها في الفترات الأخيرة

 

تحول الوضع إلى أزمة بين أنقرة و موسكو عندما حاصرت النظام السوري قاعدة مورك ، حيث يتمركز 200 جندي تركي فيها

و وفق ما صرحت به مصادر تركية كانت موسكو مترددة في التواصل مع أنقرة ، وكان الرئيس  بوتين لا يستجيب لطلب مكالمة هاتفية مع نظيره اردوغان

وبعدها قال الكرملين إن بوتين سيكون متاح للقاء اردوغان في 27 أغسطس في صالون الطيران والفضاء الدولي في جوكوفسكي بالقرب من موسكو . هكذا توجه أردوغان إلى روسيا لحضور اجتماع طارئه آخر مع بوتين.

في المؤتمر الصحفي بعد الاجتماع الذي استمر حوالي ساعة.

مهم قال بوتين إنه هو وأردوغان قد اتفقا على القضاء على”بؤر الإرهابيين”في إدلب. ومع ذلك ،تجدر الإشارة إلى أن عامين ونصف منذ إطلاق مسار أستانا بين روسيا و تركيا و إيران لا يزالان على خلاف في تعريفهما للجماعات “الإرهابية”

 

بالنظر إلى أن النظام يتقدم بدعم روسي، وتصريحات الزعيمين تشير إلى أنهما فشلا في التوصل إلى أي اتفاق بشأن إدلب.

و هذا يعني أن الروس والأتراك وأجهزة الاستخبارات مكلفة اتفقوا على تجميد الوضع القائم حتى القمة الثلاثية بين بوتين وأردوغان وروحاني في أنقرة يوم 16 سبتمبر.

 

سيكون الوضع على الأرجح:

استمرار تقدم النظام السوري في المنطقة مع هجمات أقل دموية وضربات جانبية للنقاط العسكرية التركية.

فلم يبق أمام تركيا مجال كبير للمناورة،فقط إثارة قضية الإصابات بين المدنيين واللجوء إلى الروسية مرة أخرى.

ستقول روسيا”بأن الهجوم لا ينتهك صفقة سوتشي بشأن إدلب”

 

أظهرت روسيا بالفعل القواعد الجديدة للعبة.

النظام السوري في الوقت نفسه لن يتوقف عند خان شيخون.. من المحتمل أن تسيطرعلى معرةالنعمان وسراقب إلى بلدتين وتغلق M-5   ويمكنهم أيضا تحديد التوجه ل جسر الشغور  على طريق M-4.

 

رحب بوتين بخطة التركية الأمريكية لإقامة منطقة آمنة في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في الشمال الشرقي،

ولكنه علق شرطا “التنسيق مع دمشق”

 

كان الدافع وراء زيارة اردوغان هو الوضع في إدلب

لكن المكان الذي اختار فيه بوتين (وهو معرض للفضاء الجوي) مهد الطريق لموسكو لفتح موضوعها المفضل، وهو الفرص المتاحة لمزيد من التعاون الدفاعي ومبيعات الأسلحة الجديدة إلى تركيا في أعقاب S400.

 

عرض بوتين على اردوغان الفرصةلإرسال رائد فضاء تركي إلى الفضاء في الذكرى المئوية للجمهوريةالتركية في عام 2023 بالاعتماد على إنشاء وكالة فضائية في تركيا (للاستهلاك السياسي المحلي) يصادف الذكرى المئوية للجمهورية مع الانتخابات الرئاسية وأردوغان حريص على جعل الذكرى معلما لمهنته السياسية.

 

الأكثر أهمية في الاجتماع هو إعلان بوتين بأن روسيا “مستعدة لتقديم رحلات تدريبية على المقاتلات للطيارين الأتراك.”

ليظهر لاردوغان سلسلة المنتجات المختلفة العسكرية منها والمدنية. فهي لا تثبت فقط قدرة روسيا في الفضاء و توفر مجموعة متنوعة من فرص التعاون للتطوير التكنولوجيا في تركيا

 

فكانت رسالة واضحة هي طمأنة لأردوغان بأن روسيا تهتم بالمصالح الإستراتيجية لتركيا أكثر من الولايات المتحدة بينما تكتسب الوقت أيضا للأسد لإكمال الاستيلاء على إدلب.

في حين طرح بوتين منطقة عازلة في إدلب

لاحظنا بأنهما كانا يستمتعان باهتمام وسائل الإعلام ونعلم كيف يعمل الاهتمام بالرأي العام كلاهما لا يزال لديه القدرة على مفاجأة الجمهور.

فكان الآيس كريم هو الشيء الوحيد الذي حصل عليه أردوغان مجانا في موسكو أشياء أخرى كان عليه أن يدفعها، أو المساومة عليها أو التنازل عنها.

 

نعود للشركة الثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران في عملية أستانا أثبتت فعاليتها في كسر جبهات المعارضة كما هو الحال في شرق حلب في عام 2016 لكنها جعلت تركيا أيضا من أصحاب المصلحة على أرض الواقع.

فمن المفترض أن تؤدي صفقة سوتشي مع تركيا في سبتمبر 2018 إلى التوصل إلى قرار في إدلب

حيث أعاد السيناريو الذي نجح في الغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة..كان من المفترض أن يكون دور تركيا هو إزالة الألغام في الطريق.

ولا ترضى روسيا بإنشاء منطقة كبيرة في الشمال وتصبح النقاط العسكري التركي حجر عثرة يعوق عمليات النظام السوري.

لتحول عملية أستانا إلى حالة متشابكة.

 

لفك هذا التشابك

كان على الروس إنهاء عملية أستانا أو تغيير الوضع على الأرض.. فيظهر الهجوم على خان شيخون أنهم اختاروا الخيار الثاني. بمعنى آخر يحاولون إجبار تركيا على التراجع والرضوخ عن الحالة الجديدة دون التخلي عن عملية..

 

أصبح حل الأزمة التركية الروسية على المستوى الرئاسي ذات نمط واضح.

ومن اللافت للنظر أن كل قمة بين بوتين و اردوغان لتقدم تنازلات أنقرة سواء كانت اقتصادية أو دبلوماسية أو متعلقة بالأمن والدفاع للأسف و ظهور موسكو دائمًا كفائز.

 

لتصبح سوريا أداة فعالة للسياسة الخارجية لموسكو لإبقاء أنقرة في مدارها الدبلوماسي. أمل أن يلاحظ الحكومات الأوربية وإدارة ترامب خاصة ذلك

ستكون اتهامات بوتين مع المزاعم الليبية بأن تركيا تقوم بنقل الجهاديين من إدلب إلى ليبيا للقتال ضد قوات حفتر يمكن أن يتحول هذا الإفتراء إلى صداع لتركيا في مجلس الأمن في المستقبل.

فعدم أنهاء الملف السوري وخروج تركيا من المستنقع الكردي يهدد مستقبلها دوليا على كافة الأصعدة وداخلياً.

الكاتبة Ela Kravan

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏كاتبة وباحثة في الشأن التركي
تليجرام : https://t.me/ela_kravan‎‎

مقالات قد تعجبك

جيش يونارميا… شبيبة بوتين

الأزمة الأوكرانية

قراءة في اتفاق المعارضة التركية بخصوص النظام البرلماني

دراسة: انعكاسات الاستفتاء على السياسة الخارجية التركية