عدنان مندرس الجزء الثاني
كنت قد اقتصدت في المقال السابق بالحديث عن مندرس لعلي أسرد ها تفاصيل مهمة
كان عدنان مندريس عضو في حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ونائب عن الحزب الجمهوري chp في البرلمان، لكنه في1945 انشق مع ثلاثة نواب آخرين واتخذ موقف معارض لزعيم حزبهم ورئيس الوزراء عصمت إينونو خليفة أتاتورك وحامي العلماني
أنشأ الحزب الديمقراطي و كان بزعامته متحديا إجراءات منع الأحزاب آنذاك.
في1946 شارك الحزب الجديد في الانتخابات فلم يحصل إلا على 62 مقعدا،ثم عاد ليشارك في انتخابات 1950 ليفوز بها بسبب وعوده بإلغاء الإجراءات العلمانية الصارمة التي اتخذها إينونو
بفوزه إعاد الأذان باللغة العربية واستعاد المساجد التي تم تحويلها إلى مخازن وأنشأ مساجد جديدة ومدارس للأئمةوأدخل الدروس الدينية إلى المدارس العامةوفتح أول معهد ديني عال كما قام بحملة تنميةشاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة وافتتاح المصانع وتشييد الطرقات والجسور والمدارس والجامعات
في ذلك الوقت كان فوزه الساحق بمثابةوضع حدا لهيمنة حزب الشعب الجمهوري على تركيا منذ إعلان الجمهورية عام 1923
وعلى الرغم من أنه أدخل تركيا في حلف شمال الأطلسي وجعلها رأس حربةالغرب في مواجهة الاتحاد السوفيتي وإرسل قوات تركية إلى كوريا لاستغلال هذه الحرب للتقرب من الدول الغربية
المعظم يلحق إنشأ قاعدة “انجرليك” لعدنان مندريس وهذا ليس بصحيح
لقد اتخذ قرار بناءها خلال مؤتمر القاهرة الثاني في ديسمبر 1943 ولكن بدأت أعمال البناء بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تحت إشراف أمريكا1951وانتهت بعد 4 سنوات وقد استخدامها أمريكان كمركز تخزين إقليمي أيضا.
وحين وصل عدنان مندريس 1955 إلى بغداد، حيث أعلن أن تركيا و العراق قررا عقد اتفاق عسكري بينهما يرمي إلى تحقيق التعاون والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط ويدعو الدول العربية للانضمام إليه..
“حلف بغداد”
كانت تركيا الدولة الإقليمية القائدة للحلف فهو تشكيل سياسي للوقوف في وجه الشيوعيةفي الشرق الأوسط تشرف عليه أمريكا وبريطانيا ومن دول العراق وإيران وباكستان، كانت مصر ضده واعتبرته وجه جديد للاستعمار، فأعلن مندريس 1956 تأييده لقرار أمريكا بسحب تمويل البنك الدولي لمشروع السد العالي في مصر
لتأتي الأزمة السورية 1957 فترة المواجهات الدبلوماسية الحادة في الحرب الباردة التي استهدفت سوريا من قبل تركيا فحشدت قوات على الحدود وقام طيرانها بخرق الأجواء السورية. وكانت امريكا تدعم تركيا بسبب اعتقادها بأن سوريا ستصبح دولة شيوعية بعد أن وقعت اتفاقية قرض من السوفييت و اتفاقية صداقة
فقام شكري القوتلي باستفزازهم مثل تعيين العقيد عفيف البزري قائد أعلى للجيش السوري (المعروف بتعاطفه للسوفيت) مما دفع العراق و الأردن و لبنان إلى النظر في دعم التدخل العسكري العربي أو الغربي لإسقاط الحكومة السورية.
فهدد خروشوف بإطلاق صواريخ على تركيا لو قامت بمهاجمة سوريا،لتقول أمريكا أنها ستهاجم السوفيت ردا على هذا الهجوم.
و أنزلت قوات مصرية في اللاذقية لمواجهة التهديدات التركية
لتسحب تركيا جنودها في أعقاب الضغط الأمريكي وعندما قام خروشوف بزيارة غير متوقعة للسفارة التركية في موسكو
في هذه الحادثة نجد تأكيد تاريخي على أن أمريكا لن تتدخل عسكرياً لصالح حلفيها الشرق أوسطي لقتال “روسيا”
وهذا ما يحدث في زمننا الحاضر والجميع يأمل في أمريكا!!!
كان حلم روسيا جعل سوريا قاعدة لها وحققت حلمها ولن تتخلى عنه بسهولة. وبالنسبة لتركيا كان بمثابة تهديد لأمنها القومي.
أرسل عدنان مندريس أول سفير إلى إسرائيل “سيف الله إسين” 1950
قام بن غوريون بزيارات سرية إلى تركيا: لعلي أتحدث باستفاضة عن ذلك في أجزاء سلسلة السبطائية للموساد
واتفاق “Trident” لا وجود له هكذا قالت الأركان التركية والخارجية الوحيد الذي أقره هو İlter Türkmen
كانت أسباب مندريس هو الرد على جمال عبد الناصر”حلف بغداد”و اقامة الجمهورية العربية المتحدة واتفاقية الصداقة والقرض بين الاتحاد السوڤيتي وسوريا
الثورة في العراق التي أسقطت نظام حكم موال لتركيا
تصويت العراق (القضية القبرصية)
احتلال قناة السويس واعتقاد مندريس بقوة اللوبي اليهودي
كان مندريس شعبويا ومحبوب ولكن كانت القوى العلمانية الحشد للقيام بأعمال شغب ومظاهرات وبدأوا بتشكل جماعات راديكالية بين صغار الضباط بالجيش (الذين خشوا أن المثل العليا لأتاتورك مهددة)
ولذلك وضع نظام للرقابة على الصحافة وأسس لجنة التحقيقات Tahkikat Komisyonu
27أيار1960 تحرك الجيش ليقوم بأول انقلاب عسكري خلال العهد الجمهوري
فسيطر على الحكم 38 ضابطا برئاسة الجنرال Cemal Gürsel وأحال الانقلابيون 235 جنرالا و5000 ضابط إلى التقاعد واعتقل مندريس
من المفارقات أن Cemal Gürsel سابقا أرسل مذكرة وطنية يطالب فيها بأن يصبح مندريس رئيساً للجمهورية.
ختاما
مهما كانت توجهاته فهي كانت من منظور إيمانه وقوميته لوطنه تركيا أولا وفعله بإعادة الإذان باللغة العربية قد خلده فإعاد إحياء كلمة الله في المأذن
هو سياسي تركي خرج على مدرسة أتاتورك فأعاد الأذان وأدخل الدروس الدينيةوأطلق تنمية شاملةعمت البلاد فأطاح به الجيش فأعدمه
رحمه الله